القطار على وشك الانطلاق فأسرعوا

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
{ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَايَعْلَمُونَ }الزمر 9.
البعض يضيع أزهى أوقات عمره وأنضجها وأقدرها على التحصيل وأصفاها ذهناً وأكملها فهماً وأكثرهاً توقداً وأجودها حفظاً وأوسعها استيعاباً يضيع هذه الأوقات النفيسة الثمينة ويهدر هذه اللحظات الغنية بعطائها المشرئبة إلى الآفاق الرحبة ، المتطلعة إلى التقاط كل جديد المتشوقة الى امتصاص كل مفيد ، يضيع كل هذه الأوقات في المبالغة في طلب المال والسعي الحثيث لاكتسابه والانجراف غير المتبصر نحو مصادره ، ويغرق في بركه الموحله ويتوه في دهاليزه المعتمه ويقضي في ذلك ردحاً طويلاً من أزهى سنوات عمره المتوثبه .. ولا يلقي عصى الترحال إلا وقد وخط الشيب رأسه وضعف ذهنه وغامت عيناه وثقل سمعه وانحنى ظهره وقل تركيزه وانطفأ توقده وتناوشت جسمه العلل ، هنا قد يلتفت إلى الوراء فيجد أنه قد سعى في الدنيا سعي الوحوش فحاز من المال الكثير أو القليل
لكن حصيلته من العلم الشرعي ضئيلة ، قد يحاول التعويض ـ وذلك أمر محمود ـ لكن عوامل السن تكون قد فعلت فعلها فيتحسر على ما ضيع فيدرك حينما لا يفيد الإدراك أن ( المال يمكن أن يحصل عليه الإنسان في أي مرحلة من مراحل العمر كحالة إرث مثلاً وكذلك ممكن أن يضيع في لحظة واحدة كخسارة صفقة أو تراكم ديون ، بينما لتحصيل العلم زمن ثم ينتهي ليصبح الإنسان يعيش على ما تعلم سابقاً أو تحديثه ) قال لي أحد كبار السن : "الآن لا ينفعني هذا المال فليس الآن شغلي الشاغل أفخم الملابس ولا ألذ المآكل ولا أفره المراكب ، فأهم منها سورة حفظتها أو ذكر تعلمته أو شيء من فقه كنت قد اكتسبته بالسؤال فكل ذلك هو زادي الآن " .
أعرف بعض الناس اكتسبوا الأموال وهم الآن يفضلون التنقل على أرجلهم لأصابتهم بالسكري حتى يحرقونه ، ويتخلون عن لذيذ الأكل بسبب أوامر الطبيب ، ويبتعدون عن الموضة في اللباس لأن هذا العمر ليس عمر موضات .
فيا شباب خصصوا ولو قليل من الوقت يومياً لاكتساب العلم الشرعي ، فهذا هو في الحقيقة زادكم الذي لاتندمون على اكتسابه .

فقطار العلم على وشك الانطلاق فالحقوا به قبل أن يغادر فتبقوا في ظلمات الجهل
من اجتهادي